البشاير - خاص : «زيدان .. حياة سرية»، هو كتاب عن أحد أبرز الشخصيات الفرنسية في القرن العشرين، وهو معروف على الصعيد العالمي. وكانت مؤلفة هذا الكتاب قد قامت بالتحقيقات حول مسيرة حياته الخاصة والمهنية طيلة عامين كاملين، قابلت فيهما مقربين منه عائليا أو من بين أصدقائه وزملائه ومدربيه.المقصود هو نجم كرة القدم الشهير زين الدين زيدان.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب الذي صدر قبل شهر تقريبا كان قد أثار ضجّة كبيرة قبل صدوره. وتؤكد مؤلفته نفسها أن «حاسوبين» من الحواسيب الثلاثة التي تملكها كانا يحتويان على مخطوط للكتاب قبل طباعته قد جرت سرقتهما، أحدهما من عند الناشر والآخر من عند إحدى صديقاتها. كما تشير إلى أنها واجهت صعوبات كبيرة من أجل إنجازه، حتى أن «إسماعيل»، والد زيدان، كان قد وافق على مقابلتها لكنه عزف عن ذلك في اللحظة الأخيرة.
وتؤكد أن زين الدين زيدان نفسه قد «أغلق أمامها الأبواب» لأسباب ثلاثة هي أنها لم تطلب إذنه قبل الشروع بعملها وأنه لا يعرفها وأخيرا أنه ليس له أية مصلحة مادية. وبعد أن كانت الصحفية قد قامت بمقابلات عديدة اتصل بها، كما تشير، مدير أعمال زيدان وطلب منها أن تلغي تلك المقابلات كلها مقابل الحصول على مقابلة مع زيدان نفسه، وهذا ما رفضته.
ورغم الضجة الكبيرة التي أحاطت بالكتاب فإنه يمكن القول أن صفحاته الـ 400 لم تكشف الشيء الكثير عن «الأسرار» في حياة زين الدين زيدان ومسيرته الكروية. ولم يتم التعرّض طويلا لحياته الخاصة التي أحاطت بها شائعات كثيرة خلال الفترة السابقة، ولا عن قضايا «حساسة» مثل تعاطي المنشطات الممنوعة.
وتكتفي المؤلفة حول هذا الموضوع بنقل بعض إجاباته «المترددة» أثناء القضية التي واجهها عندما كان يلعب من نادي «جوفنتوس» الإيطالي، ولكن دون تقديم أية «وثائق» أو حجج واقعة أو حجج تثبت براءته. هذا مع إشارة سريعة إلى أن زيدان قد «نجا» من اختبار تعاطي المنشطات أثناء المباراة مع المملكة العربية السعودية في مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 1998، والتي خرج منها بـ «بطاقة حمراء» أثناء اللعب.وتشير إلى أنه كان سيتلقى البطاقة الحمراء لو أخضعوه لذلك الاختبار.
بالمقابل، تتحدث المؤلفة طويلا عن فترة شباب زين الدين زيدان التي عانى فيها من شتى أشكال الحرمان. كما تتحدث طويلا عن «المعركة» القاسية التي خاضها من أجل الوصول إلى «القمّة» وتخلص في هذا السياق إلى القول أن زيدان يحب أن يعيش «في الظل» بعيدا عن الأضواء ويعرف كيف يحافظ على «سمعته» حيث يقدّم في هذا المجال «مثالا» في التحفّظ.
هكذا حرص دائما على أن لا يدلي بأي تصريح له علاقة بالسياسة، ولم يعلن أبدا أي رأي «مع» أو «ضد» الأحداث التي شهدتها ضواحي المدن الفرنسية في خريف عام 2005 وجرى أثناءها حرق آلاف السيارات والمباني العامة.
كان القائمون بتلك الأحداث هم بأغلبيتهم من أبناء المهاجرين من شمال إفريقيا أو من إفريقيا السوداء، لكن زيدان لم يُبد أي «تعاطف» معهم، هذا على عكس زميله لسنوات طويلة في فريق فرنسا الوطني لكرة القدم ليليان تورام الذي أدلى بتصريحات ناقدة عنيفة ضد نيكولا ساركوزي، وزير الداخلية آنذاك ورئيس الجمهورية الفرنسي الآن.
وتشير المؤلفة إلى «صمت» زيدان فيما يخص الجزائر، بلده الأصلي، وذات التاريخ الاستعماري الطويل مع فرنسا، بلده الحالي. كذلك فشلت محاولات رجال الإعلام والصحافة الذين حاولوا مرارا وتكرارا دفع زيدان إلى الحديث عن أصوله «القبائلية».
لكنه حرص بالمقابل على المحافظة على علاقاته الوثيقة مع بلده الأصلي التي زارها في السنوات الأخيرة مرارا وعومل فيها كـ «أهم الشخصيات». مع ذلك تنقل المؤلفة في هذا السياق أن الملك الاسباني «خوان كارلوس» كان قد دعا ذات مرة زين الدين زيدان لتناول الطعام معه ومع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، فأجابه اللاعب الشهير: «لكنني فرنسي ولست جزائريا».
ومن الجوانب التي تؤكد عليها المؤلفة في سيرة حياة زيدان هو أنه قد أصبح في السنوات الأخيرة أحد الرموز «الإعلانية» المحاطة بعدد من المستشارين ومديري الأعمال الذين يشرفون على «استثماره» لدى «الماركات الكبرى» التي ليس أقلها شهرة شركة «اورانج» للهواتف المحمولة و«دانون» لمنتجات الألبان و«جينيرالي» للتأمين.
وتشير المؤلفة إلى أنه للتأكد من نجاح زين الدين زيدان «الإعلاني» يكفي مشاهدة صفحات الإعلان في مختلف القنوات التلفزيونية الفرنسية.وإذا كانت المؤلفة «مقتضبة» في حديثها عن قضايا تعاطي المنشطات وعن أسرار الحياة الخاصة لزيدان، فإنها بالمقابل تسهب في تعرّضها لـ «ضربة الرأس الشهيرة» التي طرح فيها أرضا اللاعب الإيطالي ماتيرازي مما أدى إلى إخراجه بـ «بطاقة حمراء» قبل ربع ساعة من نهاية المباراة النهائية على كأس العالم عام 2006 الذي فازت به إيطاليا.
وتشير المؤلفة إلى أن المدرّبين الأولين لزين الدين زيدان بعد أن أصبح «محترفا»، أي «غي لاكومب» و«رولان كوربيس» قد شرحا لها سر «ضربة الرأس» تلك أن زيدان قد جاء إلى عالم كرة القدم من «الحارات الشعبية» حيث تواجه الإساءات العنيفة بالضرب. وهذا ما فعله بالتحديد زين الدين زيدان عندما «وجّه له ماتيرازي إهانة». وتتم الإشارة إلى أن زيدان قد نال 14 «بطاقة حمراء» أثناء مسيرته كلاعب محترف في كرة القدم.
المؤلفة في سطور
بسمة لاحوري، صحافية مستقلة. تخصصت بإجراء التحقيقات حول العديد من الشخصيات والأحداث، خاصة لحساب مجلة «الاكسبريس» وتساهم في الكتابة بالعديد من الصحف والمجلات الفرنسية الأخرى.
الكتاب : زيدان، حياة سرية
تأليف : بسمة لاحوري
الناشر: فلاماريون ــ باريس 2008